عقلك هو الجرّاح الذي ارتدى قفازيه، وأمسك بمشرطه البارد، وقرر أن يستأصل ذلك الجزء المريض من حياتك
صراع العقل والقلب: لماذا لا يجب أن تعود لما تركته بالمنطق؟
![]() |
صراع العقل والقلب |
"ما تركته
بالمنطق، لا يجب أن تعود إليه بالعاطفة".. هذه ليست مجرد عبارة جميلة، بل هي
قانون بقاء، أشبه بلافتة تحذيرية صغيرة معلقة على باب مغلق بإحكام.. باب قررت أنت
بنفسك أن تغلقه.
فكر في الأمر كأنه
عملية جراحية دقيقة. عقلك هو الجرّاح الذي ارتدى قفازيه، وأمسك بمشرطه البارد،
وقرر أن يستأصل ذلك الجزء المريض من حياتك بعد أن أثبتت كل التحاليل أنه يقتلك
ببطء. كان قرارًا صعبًا ومؤلمًا، لكنه كان ضروريًا لإنقاذ ما تبقى منك. لقد كانت
تلك هي لحظة "المنطق".
لكن ما الذي يحدث بعد
أن يغادر الجرّاح غرفة العمليات؟ تستيقظ "العاطفة". ذلك المريض الأحمق
الذي لا يفهم شيئًا في الطب. العاطفة لا تتذكر الألم والمرض، بل تتذكر فقط شكل
العضو المبتور، وتصرخ مطالبة بعودته. تبدأ في إقناعك بأن الجرّاح كان قاسيًا، وأن
الحياة قبل العملية كانت أفضل.
وهنا تقع المأساة.
العودة إلى ما تركته
بمنطقك تشبه أن تعيد خياطة طرف مصاب بالغرغرينا بجسدك مرة أخرى. أنت لا تمنحه فرصة
ثانية للحياة، بل تمنح الموت فرصة ثانية لقتلك. المنطق لا يخطئ في هذه الأمور؛
لأنه لا يملك ذاكرة انتقائية.. هو يرى الصورة كاملة، بالندوب والعيوب وكل أسباب
الرحيل. أما العاطفة، فهي طفل مدلل لا يرى إلا لعبته التي كُسرت ويريدها أن تعود
كما كانت، وهذا مستحيل.
لذا، في المرة القادمة التي يحنّ فيها قلبك إلى ذلك الباب الذي أغلقه عقلك، تذكر جيدًا صوت المنطق البارد وهو يخبرك عن سبب رحيلك الأول.. لأنه لو عدت، لن يكون هذا انتصارًا للحب أو الشوق، بل سيكون ببساطة.. انتحارًا مع سبق الإصرار.
COMMENTS