كهوف تاسيلي تمتلئ برسومات غريبة الشكل؛ يرجع تاريخها لأكثر من خمسة عشر ألف عام بحسب تقدير الخبراء في العالم.. بل إن بعضهم قدَّر عمرها بعشرين ألف سنة
كهوف تاسيلي الغامضة | قصص من الخيال تحكيها رمال الصحراء في شمال إفريقيا
كهوف تاسيلي - واحدة من أعقد الاكتشافات في العصر الحديث |
اللغز
جثة عالم تظهر بعد اختفائه وبعثته لسنوات طالت في تلك المنطقة العجيبة..
أحداث غامضة تقع لأفراد البعثة..
حوادث قتل.. وغرباء يظهرون ويختفون وسط أنهار من الدم والغموض.
قصص مخيفة تكشف عنها الكثبان وبحار الرمال المتحركة..
ألغاز تعقُبها ألغاز، وخطر لا أحد يدري ماهيته..
خطر يقترب..
اقرأ أيضا: غابات الأمازون | جنة سيفقدها كوكب الأرض
ما سبق كان الخطوط الرئيسية لافتتاحية رواية (الزهرة السوداء) من تأليف
الأديب المصري "د. نبيل فاروق".
الرواية التي كتبها تحت سلسلة الخيال العلمي (ملف المستقبل)؛ السلسلة
التي نجَحَت بشكلٍ غير مسبوق في تسعينيات القرن الماضي.
لكننا لسنا هنا للحديث عن قصص مشوّقة؛ فقط سنتحدث عن المكان أو الكهوف
اللذان بنى عليهما "نبيل فاروق" أحداث روايته..
لقد بنى رائد أدب الخيال العلمي المصري حبكة روايته على الغموض الدائر حول قصة
كهوف تاسيلي الغامضة، الكهوف التي تحتوي على واحد من أكثر الألغاز التي حيرت
البشرية على الإطلاق..
ألغاز تركها القدامى؛ كإرث مخبأ سره داخل طلاسم كهوف تاسيلي التي تقول
أن عمر البشر على سطح الأرض أكبر بكثير مما يُقال أو يُفترض.
أين تقع كهوف تاسيلي؟!
منطقة كهوف تاسيلي |
(تاسيلي ناجر)؛ أو (طاسيلي نعاجر) بلغة طوارق الصحراء الكبرى، تعني
هضبة الثور..
تقع جبال وكهوف تاسيلي في وسط الصحراء الكبرى على الخط الحدودي بين
الجزائر وليبيا؛ وتحديدا في جنوب شرق الجزائر.
ترتفع تلك الجبال لما يربو على 2000 متر فوق سطح البحر، وترتكز على
مساحة تتجاوز 70000 كم2..
اقرأ أيضا: النحل | الكائنات التي تعيش في جمهورية؛ لا مملكة
كهوف تاسيلي - 20 ألف عام في صحراء قاحلة
على مر القرون؛ وبسبب عوامل الطبيعة من رياح وأمطار ودرجات حرارة؛
تكوَّنت تشكيلات صخرية عجيبة في صحراء قاحلة.. تشكيلات كان قوامها الصخور
البركانية والرملية الموجودة في تلك المرتفعات..
هذه التشكيلات أخذت أشكال الخرائب أو أطلال المدن القديمة؛ حتى تم تسميتها بـ (الغابات
الحجرية)..
نقوش كهوف تاسيلي |
وعلى أحد المرتفعات؛ بجوار جرف عميق في منطقة تمتلئ بكُثبان الرمال
المتحركة؛ تكونت كهوف تاسيلي الغامضة.
هذه الكهوف التي تمتلئ برسومات غريبة الشكل؛ يرجع تاريخها لأكثر من خمسة عشر ألف
عام بحسب تقدير الخبراء في العالم.. بل إن بعضهم قدَّر عمرها بعشرين ألف سنة؛
لتصبح أقدم نقوش حفرها الإنسان القديم على مر تاريخ هذا العالم.
اقرأ أيضا: تركيا وصدام حضاري قادم في العالم | رؤية صمويل هنتنجتون
نقوش تاسيلي تسبق حضارات مصر – العراق – شعوب المايا
من نقوش كهوف تاسيلي |
تبدأ الحكاية كأغلب بدايات قصص المستكتشفين؛ قصة واحدة، عادية الشكل، وروتينية
المسار..
فبطلُنا هو الرحالة الفرنسي "برينان".. ذلك الرجل الذي اكتشف الطريق إلى
أحد أصعب ألغاز الحضارة الإنسانية على الإطلاق عام 1938 م.
لم يكن لرحلة "برينان" في قلب الصحراء الكبرى أي معنى، لو كان قد عاد من
رحلته مُتَحَدِّثا عن بعض التجاويف الصخرية الخالية، أو التشكيلات الجبلية التي
صاغتها عوامل الطبيعة.
لكن الرجل الرحالة عاد باكتشاف مذهل.. هو تلك النقوش أو الرسومات التي
حار العلماء في العالم في تفسير ما تعرضه حتى لحظة كتابة السطور.
نقوش؛ لأول وهلة اعتقد "برينان" أنها عادية جدا؛ فهي لقوم يرعون الأغنام
ويعتمدون على الزراعة في حياتهم، مما يدُل على أن الصحراء القاحلة كانت تعُجّ
بالحياة في الماضي البعيد.
اقرأ أيضا: السيطرة على الشعوب | الذهب والنقود والطريق الطويل لاستعباد البشرية
لكن مع إطالة النظر لتلك الرسومات والنقوش بتركيز أكبر؛ أُصيب رحَّالتُنا الفرنسي
بالذهول.. فما رآه على جدران كهوف تاسيلي تجاوز المنطق والمألوف..
بل تجاوز التاريخ نفسه..
كهوف تاسيلي |
فالرسوم التي رآها لا يوجد مثيل لها في كل الإرث المتروك من حضارات
الفراعنة وبابل وشعوب المايا القديمة.
سكان هذه الكهوف
تُصَوّر النقوش - كعادة أي نقوش مشابهة أو كعادة الآثار عموما -
عمليات رَعْي الأبقار وسط المراعي الشاسعة، كما تُصوّر آلهة هؤلاء القوم القديمة،
وطُقُوسهم الدينية.
تصوّر النقوش أيضا أنهار وحيوانات برّية وخيول وحدائق..
منطقة كهوف تاسيلي |
لكن الصادم هو وجود رسوم لحيوانات أو كائنات غريبة، ورسوم لأجسام أسطوانية
طائرة كبيرة، ورسوم أخرى لرجال يرتدون ملابس أقرب لما يرتديه رواد الفضاء، ونساء
يرتدين ملابس كالأزياء الحديثة، وأُناس يسبحون في مجموعات وسط السماء.
هذه الصور لم يستطع العلماء تفسير سبب رسمها في هذا المكان القاحل، وأثناء تلك
الحقبة الزمنية الممتدة لأكثر من عشرين قرن.
اقرأ أيضا: أسلحة النظام العالمي على مراحل كما رآها نعوم تشومسكي
نظريات بلا تأكيد
احتار العلماء في تفسير هذا اللغز الغامض؛ فأقدم الحضارات المُسَجَّلة
هي الحضارة الفرعونية ذات السبعة آلاف عام، والآثار في مصر شاهدة على ذلك.. كما
أنه لم يَرِد في أي مرجع من مراجع التاريخ أن الصحراء الكبرى قامت فيها حضارة
إنسانية في أي وقت كان..
منطقة كهوف تاسيلي |
وبافتراض وجود حضارة قديمة جدا سجلت تاريخها على جدران الكهوف، فما سر
الرسومات والنقوش التي تُصوِّر آلات وأزياء حديثة وبزّات فضاء، ومَن هم هؤلاء
السابحون في السماء في تلك العصور السحيقة؟!!
هناك علماء جاؤوا بتفسيرات كثيرة؛ لا يوجد لأي تفسير أو نظرية منها أسانيد منطقية
قوية، وعَضَّدَ من ذلك عدم وجود مقابر للبشر في تلك المناطق.. إذن فمن عاش هنا في
ذلك الزمن البعيد؟!
جاءت بعض الافتراضات النظرية بمَن قال أن قوم أتلانتس هم من رسموا تلك النقوش قبل
غرق قارتهم الأسطورية المفقودة في بحر الظلمات (المحيط الأطلسي) خلف أعمدة هرقل
(مضيق جبل طارق)، فأهل قارة أتلانتس – كما وصفهم كهنة الفراعنة القدامى لـ "أفلاطون"
– وصلوا لمستوى متقدم للغاية من الحضارة، أهَّل هذه القارة لسيادة العالم في زمن
سحيق يضرب بجذوره في أعماق التاريخ.
صحراء الغموض |
وهناك أيضا من تحدث عن المسافرين عبر الزمن، الذين جاءوا من مستقبلنا
البعيد زائرين لماضينا السحيق، بتكنولوجيا جعلت من أهل وديان تاسيلي القديمة
ينبهرون بهم؛ فيصورونهم بتلك الرسوم الغريبة على جدران الكهوف.
هذه الكهوف
النقوش |
لقد تعدّدت الفرضيَّات والتفاسير؛ لكن حتى كتابة هذه السطور يظل لغز كهوف تاسيلي
قائما بدون تفسيرات تاريخية أو علمية مقبولة.
فتلك النقوش المرسومة في أعماق الصحراء الكبرى في شمال إفريقيا، في
أحد أكثر المناطق الخطرة بكثبانها الرملية المتحركة، ومرتفعاتها الصخرية المخيفة،
تظل أحد أعظم الألغاز التي حيرت الإنسان الحديث.. فيقف علمه عاجزا أمامها، وتصطدم
افتراضاته التاريخية بحواجز المجهول أو اللامنطق.
وكأن هذا الشعب الغامض الذي عاش أو مر يوما في وديان تاسيلي القديمة، أراد لنا أن
نتأمل الماضي بارتباك، وننظر إلى المستقبل بخوف.
في عام 1982 تم تسجيل منطقة كهوف تاسيلي بواسطة اليونسكو في قائمة
التراث العالمي.
اقرأ أيضا: مغامرات خيال علمي عربية | عشناها في الطفولة بلهفة وحماس
COMMENTS